دخل ابن الزبير على أمه حين رأى من الناس ما رأى من خذلانهم، فقال: يا أمه؛ خذلني الناس حتى ولدي وأهلي، فلم يبق معي إلا اليسير ممن ليس عنده مع الدفع أكثر من صبر ساعة، والقوم يعطونني ما أردت من الدنيا، فما رأيك؟ فقالت: أنت والله يا بني أعلم بنفسك؛ إن كنت تعلم أنك على حق وإليه تدعو فامض له، فقد قتل عليه أصحابك، ولا تمكن من رقبتك يتلعب بها غلمان بني أمية، وإن كنت إنما أردت الدنيا فبئس العبد أنت! أهلكت نفسك وأهلكت من قتل معك. وإن قلت. كنت على حق، فلما وهن أصحابي ضعفت؛ فهذا ليس فعل الأحرار، ولا أهل الدين... وكم خلودك في الدنيا! القتل أحسن! والله لضربة بالسيف في عز أحب إلي من ضربة بسوط في ذل. قال: إني أخاف إن قتلوني أن يمثلوا بي! قالت: يا بني؛ إن الشاة لا يضرها سلخها بعد ذبحها. فدنا ابن الزبير، فقبل رأسها، وقال: هذا والله رأيي.
— (book)
by إبراهيم شمس الدين
(see stats)
|