خرج الحسن والحسين وعبد الله بن جعفر حجابا، ففاتتهم أثقالهم؛ فجاعوا وعطشوا؛ فمروا بعجوز في خباء لها؛ فقال أحدهم: هل من شراب؟ قالت: نعم. فأناخوا إليها، وليس لها إلا شويهة. فقالت: احلبوها فاشربوا لبنها، ففعلوا. فقالوا: هل من طعام؟ قالت: لا؛ إلا هذه الشاة فليذبحها أحدكم حتى أهيىء لكم ما تأكلون! ففعلوا. وأقاموا حتى أبردوا. فلما ارتحلوا قالوا: نحن نفر من قريش ووجهتنا هذا الوجه؛ فإذا رجعنا سالمين، فألمي بنا فإنا صانعون إليك خيرا. وأقبل زوجها، فأخبرته بخبر القوم والشاة، فغضب وقال: ويحك! تذبحين شاتي لقوم لا أعرفهم، ثم تقولين: نفر من قريش! ثم بعد مدة ألجأتهما الحاجة دخول المدينة، فمرت العجوز فإذا الحسن واقف بباب داره، فعرفها، فقال لها: يا أمة الله، أتعرفينني؟ قالت: لا! قال أنا ضيفك بالأمس يوم كذا وكذا! قالت: بأبي أنت وأمي! ثم اشترى لها ألف شاة، وأمر لها بألف درهم، وبعث بها مع غلامه إلى الحسين، فأمر لها بمثل ذلك، بعث بها مع غلامه إلى عبد الله بن جعفر، فقال لها: بكم وصلك الحسن والحسين؟ قالت: بألفي درهم، وألفي شاة. فقال لها: لو بدأت بي لأتعبتهما في العطاء! أعطوها عطيتهما. فرجعت إلى زوجها بأربعة آلاف درهم، وأربعة آلاف شاة!
— (book)
by إبراهيم شمس الدين
(see stats)
|